احداثيات الدول اللا حضارية

ما هي البوصلة التي تسير بهداها امريكا وما هي المصالح التي تسيرها ؟
كثير هم الناس المغرمين بالديمقراطية الامريكية والحرية التي تنادي بها , ولكن هل تساءل هؤلاء الناس عن هذه الديمقراطية واخلاقياتها التي تنادي بها وحقوق الانسان والحرية وغيرها من التعابير الرنانة , وهل يمكن المقارنة بين الدول الاوربية وامريكا من حيث هذه المفاهيم .
هل حرية العامة في امريكا محترمة كما تسوق لنا كل وسائل الاعلام والتي بالمجمل تمتلكها ان لم تكن تسيطر عليها كليا او جزئيا , فالحرية الفردية المطلقة والتي هي حكر على بعض اصحاب رؤوس الاموال والتي تستطيع باجتماع مجلس ادارة اي شركة او مصنع بتسريح جميع عمال هذه الشركة او جزء منها دون اي رادع اخلاقي او قانوني في هذه الدولة الديمقراطية , حيث لا يوجد حتى تنظيمات نقابية عمالية لترعى مصالح العمال وهذا بعكس الدول الاوربية التي تمتلك هذه النقابات والتي يمكنها دورها الفعال من اسقاط حكومة في حال تعرضت مصالح العمال الى اي تهديد .
اما تمثيلة الحرية الانتخابية وخاصة لمنصب الرئيس , وهي ولأي مراقب بسيط يستطيع ان يرى ان هذه الدولة المحكومة ببعض اصحاب البنوك فعليا لم تتجاوز العائلية في رؤساءها فعائلة كندي وعائلة بوش هم من تقاسموا الرئاسة بدعم من اصحاب البنوك والمصالح البترولية وصناع الاسلحة , ولحفظ ماء الوجه من تصرفات بوش الصغير تم انتخاب اوباما الاسود لتبييض صورة السواد القاتم لسياسة بوش العالمية والحروب التي ادارها والخسارة المفتعلة للبنوك في امريكا لابتلاع اموال دول النفط الموضوعة في تلك البنوك بحجة الافلاس ,ولكن هل يستطيع اوباما ان يخرج قيد شعرة عن سياسة اصحاب البنوك ومصالحهم .....
دأبت الدعاية الاعلامية ومنذ استلام اوباما الى ترسيخ فكرة انه مسالم ولا يحب الحروب ويسعى لأجل السلام حتى انه اعطي جائزة نوبل للسلام على تصريحات وليس افعال , ولكنه ولو كان يمتلك شيء مما قال فلا يمكنه من تنفيذ شيء سوى المرسوم له ضمن كواليس اصحاب القرار في امريكا وهم في غزلهم الدائم مع اسرائيل يخططون للسيطرة الكاملة على العالم وليس على الدول الفقيرة فقط .
وهنا تختلف اوروبا بامتدادها الحضاري والذي لا تمتلكه امريكا فحرية الانتخاب متوفرة ولكنها محصورة بأصحاب رؤوس الاموال وتبتعد قليلا عن العائلية , فهي خجولة قليلا من حضارتها والتي تعطي شعوبها مدا لا باس به لعدم الانجرار بأسلوب امريكا ولا تتقبله هذه الشعوب .
ولكن وللحق لا يستطيع اي انسان ان ينكر مدى القدرة العالية لأمريكا في التكنلوجيا الحديثة من حيث المعلوماتية والاسلحة والاتصالات والاعلام فهي رائدة في هذه المجالات , كما هي رائدة في كيفية استغلال هذه التقنيات الحديثة ولمصالحها حتى انها وبقدراتها الاعلامية وتقنية الاتصالات والانترنيت استطاعت من بناء عالم وهمي ومن خلال المتلقين من هذه الوسائل والتي تؤكدها وسائل الاعلام المرتبطة بها ومنفذة لمشاريعها هذا الوهم حتى يصبح حقيقة في اذهان المتلقين وليس فقط حقيقة وانما يصبحون مدافعين عن هذه المعلومات المغلوطة وسائرين في هداها ومتوسمين منها حبل النجاة الذي ليس لهم سواه في هذا الكون الذي ابتدعوه وهما وافتراضيا , فكل ما في هذا العالم الوهمي الافتراضي بعيدا عن واقع هؤلاء الناس عالم خيالي غير موجود الا في ادمغة من روجوا له وابدعوه للسيطرة على مقدرات الشعوب وخدمة مصالح اصحاب البنوك ورؤوس الاموال في امريكا .
من فقد الحضارة يبحث عنها فكيف تبحث امريكا عن الحضارة ؟
الحضارة في المفهوم الامريكي وكما تقاسيه ونراه في دول العالم الفقيرة ليس ماديا وانما ثقافيا وجهلا وعدم مسايرة للتطور العلمي الحاصل وفي عدم ادراك نخبنا المثقفة وانشغالهم بخلافات دينية وطائفية ومذهبية وبتكريس من آلة الاعلام الامريكي لهذه الحالة فهم ما زالوا غائبين او مغيبين عن هذا الواقع لتوجيه العامة , فالنخبة هم اساس لارتفاع مستوى الوعي العام وادراك الخطر وتوقعه قبل حدوثه .
لقد استطاعت امريكا بوسائلها من تسيير شوارع العالم الثالث وباستغلال اخطاء الانظمة تجاه شعوبها وبدس المنتفعين في السلطة ومسيري مصالحها استغلالا خلاقا بمفهومها حيث ومن خلال حركة الشعوب المحقة في نطالبها وتعنت زعمائها جهلا او بالاتفاق والانخراط بهذا المخطط ساعدت في انجاح هذه المشاريع , وفي حال محاولة هذه القيادات الاصلاح يتم الالتفاف عليها ومن خلال هذه الثورة الافتراضية الموجهة ببث الدعاية الاعلامية بعدم الثقة لهذه المحاولات واظهارها بمظهر التلاعب وعدم المصداقية , وحتى بمحاربتها بشتى الوسائل فكل شيء مباح لأجل الوصول الى الغاية والهدف ( السيطرة واستغلال الخيرات لمصالح اصحاب البنوك الامريكية ).
ولكن لكل فعل ردة فعل .... فهل كان بحسبان هذا العالم الافتراضي ان بعض هذه الثورات ستستطيع الافلات من مبادرتها وستسعى لمصالح شعوبها , على ما يبدو انهم يحسبون لكل شيء .. فهم بقتل بن لا دن ( القتل ليس بمعنى الجسدي وانما انتهاء الدور ) اوجدوا العدو الوهمي الآخر والذي من خلاله سوف يكرسون حربهم للإرهاب ( مطامعهم ومصالحهم ) فايران هو العدو المباشر القادم وهو ليس بعدو بمعنى العدو وانما هو بحر نفط وغاز هم احوج شيء له في هذا الكون فعلمهم وحضارتهم المزعومة بنيت على النفط وفي فقدانه فقدان المبادرة في كل شيء , والحلقة الاضعف في البلاد النفطية هي ايران وبعد الانتهاء يأتي دور روسيا ثم كل دولة تحوي ارضها برميل نفط واحد , فامتصاص خيرات الشعوب هي غايتها وحضارتها والحروب الافتراضية وسيلتها فهي اسلم لها من حيث الخسارة فالشعوب تبيد نفسها بنفسها دون عناء والعناء الوحيد ازكاء نيران الفتن عبر هذا العالم الافتراضي الوهمي والذي لا تعرف له قيادة واضحة .
فلنعي المرحلة ونكون بقدر التحدي التزاما بوطننا وبوحدتنا الوطنية ولتكن لحمتنا الشعبية جبل صوان تتكسر عليه كل امواج الطغاة وكل من يسعى لخراب هذا الوطن .